الأحد، أبريل 28

*"ما هي التحولات الاجتماعية في أمريكا التي جعلتها مهيأة لظاهرة ترامب."

قبل الاسترسال في بيان ما يجري الآن في أمريكا، لا بد من الإشارة إلى أن كثيرًا من المفكرين، والباحثين، وخبراء علم الاجتماع والتاريخ، قد استشرفوا حصول أزمة كبيرة في أمريكا تؤدي إلى انكماشها، أو تفككها، أو على الأقل انحسار نفوذها، وتوقعوا أن يحصل ذلك تحديدًا بين ٢٠٢٠م و ٢٠٢٥م.
‏ومعظم هؤلاء لهم سابق تجربة تدل على صدق استشرافهم من خلال قراءة لتاريخ، ومعرفة واقع الدول.
"إيمانويل تود" الفيلسوف الفرنسي و"يوهان جالتونج" عالم الاجتماع النرويجي توقعا سقوط الاتحاد السوفيتي، وحددا السقوط في سنة ١٩٩٠ وصدق التوقع، وكلاهما يتوقع انحسار النفوذ الأمريكي حوالي ٢٠٢٠م.
‏المحلل السياسي "غور فيدال" فكان أكثر تحديدًا في وصف سيناريو السقوط، وتوقع منذ عشر سنوات تنامي موجهة الشعبوية وعجز العقلاء عن كبح جماح هذا الجنون الشعبوي، مما سيدفع برئيس ديماغوجي نرجسي لرأس السلطة، ثم يسوق البلد إلى الديكتاتورية، فيحدث انقسامًا وصدامًا خطيرًا في المجتمع الأمريكي.
‏وصدق توقع "فيدال"، فقد تنامت الشعبوية، ونجحت في تنصيب أقوى أنموذجًا لهذه الشعبوية، ترامب الذي أجاد استخدام الخطاب الشعبوي في تجاوز الخطوط الحمراء في المجتمع الديموقراطي، تلك التي لم يتمكن أحد قبله من كسرها، كاستخدامه الخطاب العنصري، وتهكمه بمؤسسات الدولة، والاستخفاف بالقضاء نفسه.
‏ومما صدم الكثير من المراقبين والباحثين، سرعة وضخامة الانقسام في المجتمع الأمريكي.
إذ كان المجتمع إلى عهد قريب يؤمن بالخلاف وتعدد الآراء، فكل طرف ينظر للآخر بصفته مجتهد حسن النية.
أما الآن، فكل تيار ينظر للآخر بأنه مجرم خائن يضر أمريكا بتصرفاته، ويجب أن يقف عند حده.
‏يتهم المعارضون لترامب وقاعدته الشعبية بأنهم يريدون دفع أمريكا إلى ديكتاتورية شرسة على طريقة هتلر، والمؤيدون له يتهمون مخالفينهم بأنهم شركاء في الجرائم التي تجري في أمريكا على يد الأجانب، وأنهم يفرطون بأمن أمريكا وقوتها، متذرعين بالحرية والقانون وحقوق الإنسان.
‏هذا الانقسام واضح في استقطاب واجهات الإعلام سواءً كانت صحف، أو إذاعات، أو قنوات تلفزيونية، أما مواقع التواصل فتزخر بلغة أعنف وأكثر صراحة في التجريم والتخوين، لأنها أقل عرضة للضوابط القانونية.
إذ ينصدم المتابع لليمين الأمريكي في تويتر من خشونة اللغة وتجاوزها كل الحدود.
‏ويؤكد من يعيش في أمريكا وجود هذا الانقسام حتى على مستوى الحياة الواقعية، ففي بعض الولايات والمناطق والمدن التي تدعم ترامب بقوة، يكاد يستحيل التصريح بانتقاد ترامب أمامهم، لأن ذلك سيؤدي إلى عواقب وخيمة تشمل العراك والأذى الجسدي، والعكس صحيح في المناطق التي ترفض ترامب.
‏وبغض النظر عن تفاصيل مشاكل ترامب، فإن نفس المفكرين الذين استشرفوا ما يجري، يؤكدون أن زخم التغيير الاجتماعي وموجة الشعبوية لن يمكن إيقافها، ولا إيقاف تداعياتها، ولا السيطرة عليها بالمؤسسات الأمريكية، وستكون أقوى بكثير من اهتمام العقلاء، سواءً كانوا في المؤسسات الأمريكية أو خارجها.
‏يعترض باحثون آخرون بأن أمريكا قوة متفوقة على كل دول العالم عسكريًا واقتصاديًا وعلميًا وتقنيًا، فاقتصادها ثلث الاقتصاد العالمي، وجامعاتها أفضل جامعات العالم، وشركاتها أضخم الشركات، ومعظم التقنية تنطلق منها، فكيف بدولة تحظى بكل هذا التفوق في القوة العسكرية والقوة الناعمة أن تنهار؟
‏ويرد المستشرفون للسقوط بأن هذه القوى تنفع في منع الخطر الخارجي، لكنها مشلولة تمامًا أمام الخطر الداخلي، بل ربما تساهم فيه بسبب انحياز بعضها لتيار ضد الآخر، فالجيش والـ FBI والـ CIA والجامعات والشركات عرضة للانحياز، بل وحتى قوى الشرطة المحلية في الولايات المختلفة.
‏كما يعترض آخرون بأن المؤسسات الأمريكية مثل الكونغرس والمحكمة العليا قوية تستطيع أن ترشّد أي خلاف، أو تمنع تطوره لمستوى يسبب ضررًا على أمريكا، ويرد الآخرون عليهم بأن الكونغرس والمحكمة العليا لم تتمكن من منع الحرب الأهلية في أمريكا التي استمرت أربع سنوات، وقتل فيها ٦٠٠ ألف شخص.

‏لمن يريد المزيد من الاطلاع
ايمانويل تود: "كتاب ما بعد الامبراطورية"
https://t.co/RRw8v6Z42V‎
غور فيدال: "أمريكا تتحول إلى دكتاتورية عسكرية"
https://t.co/weHYMI9Z6h‎
يوهان جالتونج: "أمريكا تنهار في ٢٠٢٠م على يد ترامب"
https://t.co/uet8OVYIiy

‏ مقال جدير بالقراءة..
مصدر المقال:
https://twitter.com/m_bina7mad/status

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق